نومه و تعطره صلى الله عليه وسلم
· عن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنهما-: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن ينام وضع يده تحت رأسه ثم قال اللهم قني عذابك يوم تجمع عبادك أو تبعث عبادك). سنن الترمذي قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح
· و عنه - رضي الله عنهما - قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه قال: باسمك أموت وأحيا، وإذا قام قال: الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور). صحيح البخاري
· و عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما فقرأ فيهما قل هو الله أحد و قل أعوذ برب الفلق و قل أعوذ برب الناس ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده يفعل ذلك ثلاث مرات). صحيح البخاري
· وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كان إذا أوى إلى فراشه قال الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وكفانا وآوانا فكم ممن لا كافي له ولا مؤوي). صحيح مسلم
· عن أنس -رضي الله عنه- قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أزهر اللون كأن عرقه اللؤلؤ إذا مشى تكفأ ولا مسست ديباجة ولا حريرة ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا شممت مسكة ولا عنبرة أطيب من رائحة رسول الله صلى الله عليه وسلم). صحيح مسلم
· عن أنس بن مالك قال: (دخل علينا النبي صلى الله عليه وسلم فقال عندنا فعرق وجاءت أمي بقارورة فجعلت تسلت العرق فيها فاستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا أم سليم ما هذا الذي تصنعين قالت هذا عرقك نجعله في طيبنا وهو من أطيب الطيب) صحيح مسلم
حينما يودّ أحدنا أن يخلد للنوم بعد نهار أمضاه وجهد قضاه ؛ فإنه يأوي لفراش مريح وغطاء ناعم و مكان هادئ لينال حظاً كافياً من الدعة والراحة.
وهذا أمر طبيعي، غير أن هذه المعطيات قد تتوفر للبعض على أحسن الوجوه وأكملها فلا تؤمن لهم النوم المنشود لسكن الفؤاد وراحة البال!
و ربما يعاني هؤلاء من أرق و اضطرابات في النوم تقضّ مضاجعهم، وتحرمهم لذّته.
إذن ؛ فإن حصول هذه النعمة - التي هي من آيات الله تبارك وتعالى -على صورتها الفضلى يتجلّى لمن اهتدى بدين الله عز وجل و اقتدى بسنة نبيه صلى الله عليه وسلم و لازم ذكر ربه عند هجعته و انتباهه، و إن لم يملك من الفُرُش سوى حصير حقير أو بساط من جلد.
و هذا الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم لم يكن لديه من متاع الدنيا إلا النزر اليسير , و كان ينام من الليل حاجته و من النهار قيلولته، مطمئن النفس، هادئ البال! بالرغم من معاناته قيادة الأمة و متاعب الدعوة و مشقة الجهاد و ألوان الأذى في سبيل الله - تعالى -.
و ما انشراح صدره، و سكينة نفسه إلا بالله -جلّ جلاله-؛ الذي عرف قدره وأكثر ذكره، و عظّم دينه ، فطهّره و زكّاه، و أرخى عليه أستار فضله و فيوض رحمته وعظيم نعمه.
و كان حمد الله تعالى على نعمه من هديه صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه ؛ فيحمده على رزقه الذي آتاه، وكفايته من كل شر يخشاه ، وفضله عليه بإيوائه من التشرد واليتم.
و يذكر الله كثيراً و يثني عليه و يمجّده، و يدعوه و يستعيذ به من شر ما خلق من الدواب والصفات ؛
و لاريب أن المواظبة على الأدعية المأثورة و الأذكار المأثورة في ختام اليوم والليلة يبث للنفس الراحة والطمأنينة والحفظ من تلاعب الشياطين، والوقاية من الهوامّ والمخاطر، وتضمن لمن مات أن تكون خاتمته على الفطرة إلى غيرها من الآثار الطيبة على حياة العبد، وحسن خاتمته.
فحري أن نعتني بهذه الأوراد الحصينة عند مبيتنا، و نعلمها صغارنا ليألفوا ذكرها و ننال بها الأجر وطيّب الأثر.
و ينضم إلى هذا الذكر الحميد، الحال الطيبة التي يكون عليها الحبيب صلى الله عليه وسلم عند نومه، فكان من هديه صلى الله عليه وسلم أن ينام طاهراً، في بدنه وثيابه، بل إن طهارة ثيابه ، و طيب رائحته لا تنفك عنه سائر يومه و ليلته ؛ فهذا خادمه أنس بن مالك (رضي الله عنه) الذي لازمه زمناً طويلاً يفضّل رائحة النبي صلى الله عليه وسلم على أجود أنواع الطيب من المسك والعنبر المعروفة آنذاك، و كانت أم سليم (رضي الله عنها) تجمع عرقه إذا استنقع على الأديم المفروش تحته ليكون أطيب طيب تنتفع بعطره الفواح، و ترجو بركته لصبيانها!
إن جمال المظهر و طهارة البدن وطيب الرائحة من محاسن الإسلام التي حث عليها أتباعه، و لها آثارها الإيجابية على الفرد و المجتمع .
صلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم