سلاحه و خاتمه صلى الله عليه وسلم
عن أنس (رضي الله عنه) قال : (كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وأجود الناس وأشجع الناس ولقد فزع أهل المدينة ذات ليلة فانطلق الناس قبل الصوت فاستقبلهم النبي -صلى الله عليه وسلم- قد سبق الناس إلى الصوت وهو يقول : (لم تراعوا لم تراعوا) وهو على فرس لأبي طلحة عريّ ما عليه سرج، في عنقه سيف فقال : لقد وجدته بحراً أو إنه لبحر). صحيح البخاري
عن عبد الله بن الزبير بن العوام (رضي الله عنه)قال: كان على النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد درعان فنهض إلى الصخرة فلم يستطع فقعد طلحة تحته حتى استوى على الصخرة قال الزبير(رضي الله عنه) فسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : (أوجب طلحة). المستدرك على الصحيحين
وعن أنس (رضي الله عنه) أن النبي صلى الله عليه وسلم : (أراد أن يكتب إلى كسرى وقيصر والنجاشي فقيل إنهم لا يقبلون كتابا إلا بخاتم فصاغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتما حلقة فضة ونقش فيه محمد رسول الله). صحيح مسلم
كثيراً ما تكون القوّة النافذة و الآلة الحربية المتطوّرة سبباً لطغيان الأمم و سطوتها على غيرها لتحقق أكبر قدر من الثروات و انتهاك الحرمات! ما دام أن الحكم و القانون مستمد من إله الهوى والمادة.
و في رحاب الإسلام تقترن القوة بالعدل في تلازم دائم وتكامل متّزن، منبثق من هدي النبي صلى الله عليه وسلم الذي يدعو إلى ابتغاء سبل القوة و اتخاذ العدة المرهبة للعدو إلى جانب العناية بالضوابط الشرعية لها، و وضعها في مواضعها المناسبة، متوخّيا العدل والحق، فحينما حمل السيف و اتخذ الدرع و خاض الغزوات، محرزاً انتصارات عظيمة، و فتوحاً كبيرة، لم تغره نشوة الفرح بالعدوان واستباحة ما حرم الله تعالى مع من حارب الله و رسوله، ممتثلاً قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى)
هذا الميزان الرباني العظيم الذي أقامه المولى -سبحانه- تجسّد في خلق النبي -صلى الله عليه وسلم- مع أعدائه في الحرب والسلم،و الغضب والرضا، والمكره والمنشط، مسطراً أروع صور العزة و البسالة،والإقدام والعدالة.
و كان - صلى الله عليه وسلم - بحراً... في غزارة قوته، واتساع أفقه، و عمق خبرته، و روعة عزيمته و توكّله!
بحراً... في الثبات عند الفتن، و الصبر حين المحن، وتحقيق أدب الحرب، وتأصيل الخبرات العسكرية الفذّة، و إعداد الجيوش المنظّمة.
متخذاً بأس السيف و حدّته، و رمي السهم و سرعته، و ما استطاعه من قوّة ومن رباط الخيل ! كأفضل سلاح و مركب عرفه الناس في عصره، مع الإفادة من خطط فارس، و حضارة كسرى وقيصر في الصناعة كاتخاذ الخاتم، وإضافة الطابع الإسلامي الذي يميّز حامله بنقش (محمد رسول الله).
و لم يتخلّى عن اتخاذ الأسباب المعينة على النصر، القاهرة للعدو، اتّكالاً على عصمة الله له، وشرفه عند ربه -سبحانه-.
إن الأمة الإسلامية اليوم بأمس الحاجة إلى أن تعود لله حقّاً، و تصدق إيمانها به و تحقق التقوى، كما عليها أن تقتبس من هدي نبيها -صلى الله عليه وسلم- القيم الحضارية الحربية، ومنهج الإعداد و التسلّح بكلّ أنواع القوة العلمية والعملية، لتبني مجدها و تبسط عزها، و ترغم أعداءها على احترام كيانها، و سلامة أوطانها.
كما أوصى ربنا تبارك وتعالى في كتابه : (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ )
صلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم