[col
صفة أكله و طعامه صلى الله عليه وسلم
· عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبيت الليالي المتتابعة طاوياً وأهله لا يجدون عشاء وكان أكثر خبزهم خبز الشعير). سنن الترمذي (2360) و سنن ابن ماجه (3347) وقال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح
· عن مسروق قال دخلت على عائشة - رضي الله عنها - فدعت لي بطعام وقالت ما أشبع من طعام فأشاء أن أبكي إلا بكيت قال قلت: لم؟ قالت: (أذكر الحال التي فارق عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم الدنيا والله ما شبع من خبز ولحم مرتين في يوم). سنن الترمذي (2356) قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح
عندما نلقي الضوء على مائدة خاتم الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم خير هذه الأمة و أزكاهم عند ربه تبارك وتعالى فلن تطول القائمة بأصناف الطعام الفاخرة ، وألوان الشراب الشهية ، لا ولا الآنية الثمينة والسفر العامرة!!!
لم تكن هذه اللذائذ حاضرة في ذهنه المشغول بالدعوة إلى الله تعالى وتعليم شرعه وبيان فرائض دينه ، ولم تسيطر تلك الشهوة على قلبه المتعلق بالله تبارك وتعالى وابتغاء مرضاته ، ولم تشغل من وقته إلا حيزا يسيرا بقدر ما يشبع رمقه و يدفع جوعه و ربما بات ليالي طاوياً لا يجد ما يطعمه!
نعم لقد آثر أن يشبع يوماً ويجوع يوماً ليتقلب بين نعمتي الشكر والصبر ، ذاق طعم الجوع، و لو شاء لسأل الله سبحانه كنوز الأرض و رغدها وطيب عيشها، و لكن ما له وللدنيا!!
فكم أنفق مما أفاء الله عليه من خيل و ركاب وأموال على أصحابه ومضى لبيته خليّاً راجيا نعيم الآخرة داعياً ربه: (اللهم اجعل رزق آل محمد قوتاً). صحيح مسلم
إن طلب القوت من الرزق و الإعراض عن المباهج ليس ازدراء لنعمة الله تعالى ، أو تعاظما على فضله ، كلّا وحاشا .
و لا يعني أبداً حبس النفس و مضّارتها بصدّها عن تحصيل حاجاتها الضرورية ، فقد أحل الله لنا الطّيبات من الرزق ، كما أنزل سبحانه في كتابه على رسوله صلى الله عليه وسلم : (وَكُلُوا مِمَّا رَزَقْكُمُ اللهُ حَلاَلاً طَيـِّباً و اتَّقُوْا اللهَ الَّذِيْ أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُوْنَ ) وقال تعالى: (كُلُوْا وَاْشْرَبُوْا وَلاَ تُسْرِفُوْا ) ، و قد طعم رسول الله صلى الله عليه وسلم اللحم و الثريد ، وأعجبه الدّباء و العسل و الشراب الحلو ونحوها من المأكولات المعروفة في عصره ، لكنه لم يداوم على الأصناف الشهية المفضّلة عند عامة الناس ، بل أحب الزهد فيها و طلب القوت من الرزق تأصيلاً لمنهج التقوى و القناعة بما قسم الله تعالى والارتباط القوي بالدار الآخرة و أن لا عيش إلا عيش الآخرة وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذّ الأعين ، و أن النعيم الآجل لا يدرك بالنعيم العاجل .
إن اقتصاده في العيش، و تعرّضه للجوع أياماً ، لم يحبطه و يحرمه الشعور بالسعادة، و لم يقعده عن النجاح في تحقيق أهدافه ، فقد نال أشرف المعالي بتبليغ الرسالة و تعليم القرآن و هداية الأمة إلى دين الله تعالى ، وبناء مجتمع صالح و الكثير الكثير من المنجزات الخالدة الفريدة ، بل هو السابق إلى كل خير ، والمؤسس لكل صلاح ديني !
ألا فلنتدبر هديه صلى الله عليه وسلم في تربية النفس على الكفاف في كل ما يتّصل بأمر الدنيا ، و صيانتها عن الترفّه
و الإسراف ، و التعفف عن مذلّة السؤال ، والحاجة إلى الناس ، و الرضى بما قدّر الله تعالى من الأرزاق و النعم .
و في هذا المعنى قال الشاعر:
دع الحرص على الـدنيا وفي العيش فلا تطمع
فـإن الرزق مـقـسوم وسوء الـظن لا ينفع
فقيـر كـل ذي حرص غنيٌّ كـل مـن يقنع
صلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم
or=green][/color]